خلال مراحل الحياة يمر أغلب الناس بتقلبات وتبدلات متنوعة منها المثير ومنها العابر ,وهذه التبدلات تخضع لعوارض مفاجئة تؤدي إلى الإضطرابات نفسيةاو مالية أو إجتماعية,فيتحول الإنسان بسبب ذلك من طور إلى آخر,فدائماً يوجد حوادث مختلفة على مسرح الحياة تصرف المرء عن الراحة والطمأنينة فلا تبقى أعصابه ومشاعره مسترسلة على طبيعتها,ويتملكه الخوف والصدمة وأحياناً كثيرة الذهول.مما يسبب القلق والحيرة والتوجس من الغد وما سيكون عليه,فيتيه عن السلوك الذي يجب عليه إعتماده ليحقق الأمن والإستقرار,ويدخل في سراديب متاهة باحثاً عن الأجوبة لتساؤلات وتهيؤات مشتتة غير مترابطة,تختلف من شخص لآخر كل حسب مفهومه وما يملك من مخزون للعواطف والميول والخواطر التي في شعوره الباطن ليستعملها عند الحاجة في التأثير على أحكامه وتصرفاته عندما يتعرض لطارئ ما..
ويبقى عاملاً مشتركاً بين جميع الأفراد وهو {التلهف إلى الإستقرار},وطالما أن الشمس تشرق وتغيب ,علينا أن نكون مهيئين وعلى أتم الإستعداد لمواجهة أي طارئ قد يعرض نفوسنا للإهتزاز والضياع والخوف,فالأحوال صعبة والمشاكل وإرتفاع الأسعار,والتفلت من الأخلاق والإبتعاد عن المنابع الروحية, و مع تزايد الضغوط الحياتية والسرعة الهائلة في إيقاع العصر الحديث.
كل هذه الأمور تؤثر سلبًا على نفسية أي فرد ، فهذا الجو جو موبوء غير طبيعي، يجعل الإنسان في حيرة وقلق من الغد ويصيبه الأرق والتوتر وعدم الاستقرار,ويكون البحث عن الراحة النفسية هي غاية الجميع .
فكيف الوصول إلى الراحة النفسية التي تبعد عنّا الإضطراب وتمنعنا من الإستقرار؟؟..
نحن لا نريد أن نخدع أنفسنا ونستسلم للخيال بل نريد أن نسعى للنفس المطمئنة,بأن نربط الماضي بالحاضر,ونندمج مع الواقع بأن ننمي فينا مبدأ حب الحياة الشرعي,بما لدينا من مخزون روحاني لنستطيع الصمود أمام الأزمات والصدمات ,بالقناعة والأمل والإيمان بالقضاء والقدر وبذكر الله تعالى:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
الإيمان يوجه السلوك,والنفس ضمن سياق الدين القويم تجد في ذاتها قيم متجددة لازمة لصحة الإنسان النفسية والعقلية والاجتماعية ..
((ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))
و يُؤكدالقرآن الكريم على عظمة الكون ومشاهد النفس وأحوال البشر وعجائب الفطرة. والرسالة السماوية هي إصلاح النفس البشرية التي بصلاحها يتحقق تهذيب السلوك الإنساني ، وردَّ البشرية حينما يضل ُّ أفرادها أو مجتمعاتها إلى قوانين الحق والعدل والصراط السوي، كل ذلك بأسلوب يعجز عنه البشر ،
إذن لن يصلح البشرية إلا منهج خالقهم ، فالله سبحانه وتعالى لايريد لخلقه إلا أن ينتشلهم من وهدة التدني ليجعل لعباده أرواحا في هذه الدنيا مسورة بسور الإيمان والاطمئنان ..
(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين).
القرآن الكريم هو الروح الذي يؤنس المؤمن والحياة مع القرآن هي الحياة مع الله,إن القرآن الكريم ليس كتاب نظريات نفسية أو علمية أو فكرية ولكنه يحوي التوجيهات الكاملة لإنشاء هذه النظريات. إنه كتاب تربية وتوجيه,والقرآن الكريم قد تضمَّن جميع هذه المنطلقات التي تحقق الصحة والأمن والسكينة مصداقاً لقوله عزّ وجلّ (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين).
بهذا يعود الإنسان إلى إنسانيته فيستّقرّ ويشعر بالراحة والطمأنينة,ويرفع من مستوى تفكيره ويرى الكون وما خلق الله تعالى وبديع صنعه ,فيلجأ المرء دائماً إلى مافوق الخلق وما فوق الطبيعة وما فوق الحياة والموت..
يلجأ إلى الله.
حمص\18\3\2009
عماد الدين دالاتي |
الكاتب: عماد الدين دالاتي |