في الماضي كنّا نستشعر طعم الوفاء للمعلم لما لديه من منزلةرفيعة,ولأننا نمتنّ للمعلمين كل الإمتنان,وندين لهم بالثمار التي نضجت والبراعم التي أينعت,والينابيع التي تفجرت من عطائهم واحتراقهم من أجل أن يشعلوا لنا قناديلاً ويزرعوا لنا رياضاً تشع فيها وتتوهج إرهاصات تضحياتهم وتواضعهم خشيتهم على تلاميذهم وطلابهم كخشية الأهل على أولادهم.
كنّا نحب المعلم ونحترمه ونرهبه..نخاف أن يرانا نلعب في الحارة,فنتحاشى مواجهته ونهرب من أمامه.
أحببنا قلبه الناصع البياض وأصالته وتفانيه في العطاء..لقد كان شمعة تحترق لتضئ لنا الدروب وتفتح لنا الآفاق,ولأننا كنّا ندرك معنى التضحية والوفاء,قمنا للمعلم ووقّرناه,وارتضينا بكل محبة قول شوقي:
قم للمعلم وفّه التبجيلا..............كاد المعلم أن يكون رسولا
مارسنا هذه الأخلاق مع المعلمين لأنهم كانوا يصنعون الأجيال ويغرسون فيها العلم والمعرفةوالأخلاق الفاضلة.
العلاقة بين المعلم والطلبة كانت خلّاقة وحميمية,هو يحبهم ويحنو عليهم,وكل همه نصحهم وإرشادهم وتقوية عزائمهم من أجل نجاحهم,فكان صدره قبلة لطلابه ,وهديه إجابة لإستفساراتهم من غير ملل ولا تأفف ولا منّة,بل بحب كبير ومرضاة لضميره وروحه وخالقه لأجل الخير والإنسانية.
اليوم ..لايزال المعلم صاحب الفضل بتربية الجيل ونشأته,والمسؤول عن النهوض به,وما برح المعلم منارة للمعرفة والفضيلة,ولن نتوانى عن تقديره واحترامه والوفاء له ولدوره,لسلوكه مع أبنائنا مسالك الأخلاق والأدب ,وتعليمهم من مخزون علمه وجعبة معرفته,وواجب علينا حقّاً شكره وتبجيله والإمتنان له,وهو أقل ما يمكننا تقديمه لمن يمارس مهنة من أسمى المهن وأشقاها.
هذا مؤكد علينا,ولن يحول دون الحقيقة ما يمارسه الذين أعماهم الطغيان المادّي ,وأبعدهم عن الإيمان برسالتهم,وصارور يقرؤون مهنتهم قراءة نفعية ماديّة خالصة لهم,فسكروا بسلطان المال والكبر والعلو,فطغوا ونسوا أو تناسوا قدسية واجبهم,وتاهوا بكبرهم وغرورهم,فسببوا البلاء والشقاء للطلبة وأوليائهم,بسعيهم الدؤوب والمجنون إلى الدروس الخصوصيةوما تعنيه إليهم من ثراء فاحش,وبلا ضمير.
لهؤلاء نقول:
إتقوا الله...
قال تعالى:
(ومن يتّق الله يجعل له مخرجاًويرزقه من حيث لا يحتسب)
اللهم أغننا بالعلم,وأكرمنا بالتقوى.
|
الكاتب: عماد الدين جودت دالاتي |