--------------------------------------------------------------------------------
بصمتي الوحيدة...غير المرئية!!
شغفت بالرسم وكان الفن هاجعي من بدايات عمري,وتبينت أنه حالة مثالية هي حالة الوجود الروحي بشكل عام,ريشتي لم تطاوع ولهي إلا بالنقل المباشر لما يسحر بصيرتي,ونسخ اللوحات والألوان مع النذر اليسير من التعديل الشخصي الطفيف,مخيلتي وذهني لم يكوناً مرتعاً خصباً,ولم يفلحا في إنتاج سوى عدد محدود من اللوحات لاترقى إلى كمال الفنّ ورفعته.
لكن تجاربي مع الريشة والألوان , أنارت بصيرتي الفنية,أضف إلى ذلك مطالعتي وقراءتي والمواظبة على حضور المعارض,كل ذلك علمني محاورة اللوحات والكتل والتفاصيل والأجزاء والألوان,وكشف المستور من الأفكار والمواضيع,وأصبحت عيناي تنصت من خلال أذناي إلى موسيقا الألوان .
عشقت القيم الإنسانية والوجدان والجمال من خلال كل الفنون,تعلمت قراءة الأحاسيس والتعابير والمشاعر التي {تكتبها} الريشة كما يكتبها القلم وربما بشكل أعمق وبحافز أكبر,إحترمت كل محاولة فنية أوّليّة,واحترمت رغبات كل من يريد التعبير بأي أداة من أدوات الفنّ الممكنة,بأي أسلوب وأي مدرسة.
تملكني ,أنّ كل عمل شخصي هو بداية لمشوار طويل في الفن والجمال,كل عمل مهما كانت درجته الفنّية هو سعيٌ واجتهاد في مضمار الفن, وحتى يميط صاحب العمل عن امكاناته وتجلياته بشجاعة,علينا تقديم الفرصة له والذريعة لإظهار ما هو عليه ويُبين عن نفسه,في المظهر الذي يرتاح له ,والشكل والأسلوب اللذان يعبّر بهما عن ذاته وشخصيته وما يختلج في نفسه من وجدان وقيم,ثمّ يتطوّر رويداّ رويداّ,ليبلغ الجوهرية والشمولية اللتان هما السمة المميزة لحقيقته الذاتية.
ولأنّ كل من يجرؤ على ولوج باب الفنّ {يعيش } في داخله طفل,أو روح الطفولة,والتي ربما تغيب فترة لتظهر تارة أخرى,هذه الروح الطفولية هي عامل كبير وأساسي من عوامل الإبداع الفنّي,لكن هذا الطفل لا يبدع عادة في بيئة الترهيب والتأنيب,والتجريح ,والنقد اللاذع والساخر والمتعالي المتكبّر,بل علينا مدّ الأيادي البيضاء لكل من يحاول ويبدأ بالتعبير المشبع بالأطايب والعبق والريحان,وبخلق نبيل,وبالتشجيع والترغيب,كل أولئك من أهم حوافز صقل المهارات,ومراجعة الفنّان لنفسه والتأمل من جديد.
الفنّان بحاجة لتحريض من أجل أن ينطلق ويتوهج,وهذا التحريض لايلبس لباس عبارات الإحباط.هو في الكلمة الطيبةوالنقد الراقي الحضاري الأخلاقي...هذا ما يصنع المعجزات,وأي عطاء فنّي هو جميل ومحترم....ولا ننسى أن ليس كل منّا يمكن أن يكون {هيجل}.
عماد الدين. |
الكاتب: عماد الدين جودت دالاتي |