يلاّ تنام عندما تنام بسلام يرتاح جسدك ويصفى بالك... لتستمتع بيوم جديد ينتظرك... ولكن هذا الحال ليس حالك... الأفكار لا تتركك وطوال الليل تطاردك... كما تريد تأخذك حتى صار الأمر عادة معتادة... وأصبحت عبداً مستعبداً لها... كلما تمنيت إنهاءها وحاولت إيقافها توالى دفقها... النزاع والصراع معها يبقيك في ضياع... بينما بنصف ساعة تستطيع تركها إذا كنت شجاع... النوم لا يحتاج إلى محاولة أو مجادلة... إنه يحدث بعفوية وفطريّة... استسلم له، وفّر له الظروف المناسبة ليكون أسهل وأجمل... أطفئ المصباح ثم استلقِ في الفراش وارتاح... مسترخياً بوسادة جيدة وغطاء بسيط حتى الصباح... ومن قلب الظلام ابدأ بالكلام... كلاماً غريباً عجيباً لا معنى له ولا مغزى... مناجاة ذاتيّة انفعاليّة تناجي فيها نفسك بنفسك بإحساس وحماس دون أن تخشى وجود الناس... لنصف ساعة ردد هذه الأصوات ولا تتردد... أصوات غريبة فريدة تتعالى وتتوالى دون أي معنى ولكن وجهك ويديك ستعبّر عن المغزى... بهذه اللغة المجهولة تنساب الكلمات بسهولة أما اللغة المعروفة المألوفة ستكون بالخوف محفوفة... ستحس بالذنب والعيب طوال الدرب... لن تسمح لنفسك بحريّة التعبير والكلام... فيبقى كلامك سطحيّاً رهين التفكير والتكفير... لكن مع هذا الحوار الذاتي الانفعالي ستتجاوز أبواب الفكر... وتخترق أسوار الجهل بسرعة... لتطهر نفسك وتغسل فكرك من كل السخافات والخرافات... متخلصاً من اللغو والحشو... طارداً الثرثرة طارحاً البربرة... لتعود إلى الفطرة... نقيّاً كالماء... صافياً كالسماء... مستسلماً للنوم بكل هناء... مستعدّاً للموت في محيط البقاء والفناء... من :أوشو.