بدافع الإيمان لتصورات نابعة من مشاهدات واقعية,ربما يجانبها الصواب وربما أكون مخطئاً مع تأكيدي على حسن النية...ودون أي تشهير بأحد..أبدأ بالقول أن العلاقة المتينة بين العبادات والأخلاق هي شرط لضمان جدية الإلتزام بالفهم الصحيح والواعي والمدرك للدين,فلا إنفصال بين العبادات والأخلاق والمعاملات.
توجد تيارات شاذة نلمسها ونراها في مجتمعاتنا تتمثل في إجتهادها الحثيث والمطلق والدؤوب لتطبيق العبادات بشكل صوري وآلي ومبالغ فيه ,مع تجريد العبادات من كل مضمون روحي وأخلاقي وإنساني ,بقصد أو عن غير قصد,بعلم أو عن جهل,الأمر سيان فكل هذه الأسباب مريرة ومؤلمة,هذا التفريغ الأخلاقي للعبادات,لم يعد نزوة عابثة ولكنه أصبح تياراً عريضاً في المجتمع,والمشكلة أن أصحاب هذا التيار يعتقدون أن عملهم شرعي وسليم,بحيث يضفون الشرعية على كل تصرفاتهم دون العودة إلى الضمير ولا حتى الخجل,وأسلحة شرعيتهم هي الكذب والنفاق والبخل وإشعال الأحقاد والإيقاع بين الناس وقطع صلة الأرحام لأتفه الأسباب,خصوصاً {الأسباب المادية}..التي من أجلها يتم تأجيج كل أنواع الصراعات..فلا حق يريدون تأديته لأصحابه ,ولا ميراث إلا ويسعون للإنقضاض عليه,ولا أمانة يتركونها دون إغتصاب..ليس نطالبهم بأن يؤثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة,ولكننا نريد منهم أن يوقفوا الظلم والإعتداء فقط,لأنهم يسببون الأذى بأيديهم وألسنتهم وأفعالهم وأموالهم أيضاً,ووراء كل ذلك [البخل والجشع والطمع].
عندما لا يتطلب الأمر منهم إنفاقاً تجد عريكتهم ليّنة,وخُلقهم جميل,ونفوسهم كريمة,ومعاشرتهم حسنة,ولكن عندما يتطلب الأمر الإنفاق ودفع الحقوق والإلتزامات المادية,ينقلبوا ذئاباً مفترسة يحللون ويحرّمون على هواهم ,ولا يفطنوا لما تمليه عليه عباداتهم من إتباع الحق والمعروف والإحسان,وترك البغي والجور والظلم.
المهم عندهم الكسب فقط ولافرق عندهم بين سلاح مشروع للكسب أو غير مشروع,كل هذه الرداءة في الأفعال يرتكبونها تحت مظلة ممارستهم للعبادات أمام الناس بشكل صوري وعلني ليكسبوا تأييد الرأي العام,ولكنهم وراء الكواليس من أقبح الناس فعلاً ومعاملة,وهذه حقيقة مؤسفة..ولكنها موجودة ولها قوالب عديدة تتحرك وتدار هنا وهناك ,بحسب هواهم ومصالحهم,بعيدون كل البعد عن الحق والعدل والفضيلة ومكارم الأخلاق...إنهم أسوأ العباد في كل البلاد... |
الكاتب: عماد الدين جودت دالاتي |