-------------------------------------------------------------------------------- إن الكلمة التي نلفظها أو تخطها أناملنا لها معنى يدركها المتلقي سمعاً أو قراءة و لكن الألحان الموسيقية لا نلمسها ولا نراها ولا نستطيع ترجمة معانيها لأنها تخاطب الأحاسيس و الوجدان و تحرك المشاعر المختلفة عن طريق أعماق النفس. هي عالم الأصوات, هي تنسيق الأصوات بحيث تشجي الأذن و تحرك المشاعر عن طريق التأثير على الجهاز العصبي عند الإنسان أو الحيوان, هي مرآة الحضارة عند الشعوب,(على حد قول الفيلسوف الصيني كونفشيوس) وهي قمة التجريد في الفنون. لغة الموسيقى هي لغة الوجود المرئي ومايتجاوزه إلى اللامرئي المطلق، بل إلى الوجود الآخر الذي يتكابر على مرئياتنا ومدركاتنا،ولهذا السبب كانت الموسيقى رديفة التجريد الأقصى والإحالات اللامتناهية للمعنى الواحد،ولذلك لم يكن غريباً ولا طارئاً عندما احتضنت دور العبادة الموسيقى بأشكالها المختلفة، فليست الموسيقى مايأتي عبر آلات العزف فقط كما يتبادر إلى الذهن،بل حتى القراءة والانشاد،فالضوابط التي تحكم الموسيقى المجردة هي ذاتها التي تحكم اللغة المجردة . التعريف العلمى للموسيقى : يعرفها بعض الموسيقيين على انها فن ادارة الصوت بالزمن ويقول عنها الموسيقار العظيم فرانسوا شوبان : [ان الموسيقى تأخذ الانسان من هذا العالم الى عالم خاص جدا ومعجزة هذا الفن اننا لا نراه ولكننا نرى من خلاله كل شىء اجمل وارحم ] ونجد ان شوبان قد اثار نقطة مهمة تقينا عناء محاولة تعريف الموسيقى , فقد اشار الى ان الموسيقى معجزة والمعجزة هى الخروج عن الطبيعة وبالتالى فلا يمكن ان نسبب المعجزات وقد اشار ايضا فى جملته الى اننا نرى من خلال الموسيقى اى انها تستولى على الانسان وتغلفة تماما وهذه معجزة أخرى . ويقول بيتهوفن : ( ان التفكير فى الموسيقى أمر خارق فهى تسمو بالروح الى اعلى مراتبها فانك لو استمعت الى فرقة مارش فان روحك سوف تكون اكثر قوة من ذى قبل واذا استمعت الى الفالس فأنك سترقص حتى وان كنت ثابتا فى مكانك فهذه هى قوة الموسيقى فهى تنتقل بك وبسرعة وفى اتجاه واحد الى داخل عقل المؤلف وليس لك اختيار فى ذلك فهى كالتنويم المغناطيسى ). ويقول ايضا الموسيقار شوبرت : [ وانا استمع الى الموسيقى ابحث عن نظارتى وانا ارتديها ] فالموسيقى تنقل الشخص الى عالم أخر, هو الذى يصنعه بنفسه يحفة ما يريد فيكون هذا الشخص متواجدا فى احسن مكان يحب ان يكون فيه لا بجسده ولكن بعقله ووجدانه ولهذا نجد ان الموسيسقى ثابته ولكن عالم الشخص يختلف من انسان الى أخر. [ الموسيقى تسمو بالانسان الى اعلى مراتب الحس والجمال ].